أزمور مدينة عالمية في العراقة ، تتحدث عن نفسها

هل تعرفون مدينة تتحدث عن نفسها رغم صمت التاريخ عن تاريخها؟؟

هل تعرفون شيئا عن تاريخ المدينة التي تتوسد أثناء نومها وصحوها نهرا عظيما ؟، ماؤه صافيا صفاء فطرة الأطفال أثناء ولادتهم ؟ هي تتوسد نهرا في نومها وصحوها ، والنهر يحمل ماء عذبا رقراقا للعطشى من أبناء المدينة القاطنين بها ، والقادمين إليها من حواليها ، كما يحمل النهر طعاما للجائعين ، ويتعاون النهر مع المدينة على حمل تاريخ طويل وعميق ، من عهد حانون القرطاجي صاحب السفن الشراعية ، ذات الخمسين مجدافا ، الذي أرسل من قبل القرطاجيين ، ليبني مدنا هنا بالشمال الإفريقي ،
ماذا قال المؤرخون عن مدينة أزمور؟؟
إلماحات عن مدينة أزمور رغم سكوت التاريخ عن يوم ولادتها
1- يقول الحسن بن الوزان ( ليون الإفريقي ) ( أزمور مدينة في دكالة هي من بناء الأفارقة على مصب نهر أم الربيع في المحيط الأطلسي ))
2- أما أبو القاسم الزياني فيقول عنها : أزمور بنيت من قبل أمراء صنهاجة ، أثناء استقرارهم بدكالة
3- الكانوني يقول عنها : ( إنها مدينة عتيقة يرجع تأسيسها إلى ما قبل الميلاد المسيحي ، ولها ذكر في المدن القديمة ، الموجودة على عهد الفنيقيين ([1])
4- أما مارمول فيرى : ( أن أزمور لحْضر القديمة التي بنيت في عهد حانون القرطاجي دمرت مع مجموعة من المدن الأخرى ، وقامت أزمور الجديدة على أنقاضها مرة أخرى
5- ومن خلال هذه الومضات التاريخية المشعة ، نستنتج كما استنتج المؤرخون المغاربة والأروبيون أن مدينة أزمور تأسست قيل ميلاد المسيح عليه السلام بمئات السنين ([2])
ازمور عاصمة دكالة قبل مدينة الجديدة
يقول عنها الإمام قاضي القضاة ، وعمدة المذهب المالكي ، أبو بكر بن العربي الأندلسي المغربي دارا ونسبا ، دفين مدينة فاس ، فقد زارها ، وهو عائد من رحلته المشرقية التي دامت أكثر من عشر سنين ، ومر من دكالة منطلقا من مدينة فاس إلى مراكش ، وتحدث عن أرض دكالة فوصف خصوبة دكالة وعاصمتها أزمور قائلا Sad رأيتها أنبتت ثاني يوم المطر ([3]) ( وهي سهول مترامية الأطراف طولها وعرضها خمس مراحل ، تنبط فيها الآبار العذبة وتكثر بها الزروع والضروع ، وبها زيادة على عشرة الآف قرية غير مدن السواحل ، ومدينتها العظمى في وسطها ، وعشرون مسجدا ، وخمس وعشرون مدرسة معمورة بطلبة البربرمن صنهاجة ،([4])
من آثار المدينة التي تشهد على عراقتها
يخبرنا ( دوتيل ) بأن أحد سكان مدينة أزمور ، ولعله كان من المتاجرين في القطع النقدية القديمة ، وهو من اليهود ، وقعت في يده قطعة من الأحجار الكريمة ، تشهد على عراقة مدينتنا ، وهي عبارة عن قطعة من العقيق الأحمر بيضاوية الشكل ، في حجم فص خاتم ، والقطعة تمثل رجلا عاريا يلوح بعصا في يده ، وهي قطعة تشبه إلى حد كبير النقود اليونانية التي كان التعامل جاريا بها في جزر الباليار baleares) )والتي ضرب على وجهها هي أيضا ، صورة شخص يلوح بعصا في يده ([5])
دور المدينة العلمي والعمراني
إذا أردنا أن نعرف دور المدينة العلمي فعلينا أن نعود إلى مايلي :
1- ماقاله أبوبكر بن العربي في وصفها وأنها تعتبر العاصمة العلمية لقبيلة دكالة :
وبها زيادة على عشرة الآف قرية غير مدن السواحل ، ومدينتها العظمى في وسطها ، وعشرون مسجدا ، وخمس وعشرون مدرسة معمورة بطلبة البربرمن صنهاجة ،([6]) خمس وعشرون مدرسة تمثل اليوم خمس وعشرون جامعة من جامعات العالم الإسلامي
- مساجدها وزواياها ومدارسها العلمية
2- المسجد الكبير والذي يقع بوسط المدينة والطريق المؤدي يحمل اسمه فيسمى بزنقة المسجد الكبير ،
3- أزمور مدينة الصالحين والأولياء
يقول الشيخ أبو الحسن علي الندوي رحمه الله ( إذا كان الشرق بلاد الأنبياء ، فإن المغرب بلاد الأولياء ) ([7])
فمدينة أزمور تشتهر كغيرها من مدن المغرب بأوليا ء الله الصالحين وأولهم الولي العابد سيدي أيوب السارية المشتهر ب ( مولاي بوشعيب )الذي قدم من مدينة فاس إلى مدينة أزمور واستوطنها ، حتى كادت المدينة تسمى باسمه ،ففي غالب الأحيان نسمع الناس يتحدثون عن زيارتهم للمدينة باسم مولاي بوشعيب ، زرت مولاي بوشعيب ، أو عدت من مولاي بوشعيب ،أو ذهبت إلى مولاي بوشعيب ، وقصدهم هو مدينة أزمور فكاد اسم الولي الصالح أن يتغلب على اسم مدينة أزمور ، ولذلك فمدينة أزمور تشتهر بأضرحتها التي لاتعد ولا تحصى . إلا أن جهل الناس طغى على التصوف السني في بلادنا ، وطمس معالمه الصافية ، وأحدث الناس طرائق للزيارات ماانزل الله بها من سلطان . والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أحفاد الشيخ أبي شعيب كان لهم حكم البلاد
لقد جاء في الظهير الشريف (الإسماعيلي ) أي القانون الصادر في عهد السلطان مولاي إسماعيل مايلي :
لقد اقتضى نظرنا الشريف أن نقر حامله المرابط السيد عبد القادر بن محمد بن عبد الله الصنهاجي حفيد سيدي أبي شعيب السارية ، على رأس زاوية جده بصفته مقدما ومدافعا على حقوق هذه الزاوية ............. لايشاركه في ذلك أحد ، ........ ويحرص على فعل الخير ، ومنع الظلم ، ويحيط جنابنا علما بكل مايخالف الشرع والسنة ، وعليه أن يخاف على نفسه إن هو أخفى أمرا من شانه أن يحدث الفتن ( [8]) ويظهر من خلال ماجاء في الظهير الشريف أن ملوك المملكة المغربية كانوا دائما محافظين على الدعوة إلى دين الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكذلك كان اهتمامهم الشديد بعقيدة الأمة
والحفاظ عليها وصونها عن كل شائبة تعكر صفوها ، وهذا يبدو من خلال ماجاء في المرسوم السلطاني ، ( ويحيط جنابنا علما بكل مايخالف الشرع والسنة ) ([9])
4 -آثار لكثير من المدارس العلمية التي اندثرت
- هناك عدة مدارس لازالت آثارها شاهدة علي دورها العلمي الذي كانت تقوم به منذ أزمان بعيدة ،
ومن هذه المدارس ، مدرسة أبو الحسن المريني
وهي : المدرسة القديمة التي أصبحت اليوم أثرا بعد عين ، والتي قام ببنائها السلطان أبو الحسن المريني وبجانبها ناعورة ( سانية ) كانت تزود طلبة العلم بالماء الشروب وهي في نفس الوقت كانت تزود المصلين والمترددين على المسجد الأعظم الذي يقع في وسط المدينة ([10]) ولنا عودة أخرى مع تاريخ الغرب الإسلامي





بورتيس ريتيلس، أو البريجة أو مازيغن، أو المهدومة، أسماء لمدينة الجديدة والتي وضع الفينيقيون حجرها الأساس قبل 3600 سنة، كما ورد في العديد من النشرات الإلكترونية، قبل أن يحط الرحال، الرحالة البرتغالي جورج ديملو، بموقع الشيخ ابريجة، والذي تحول إلى مزاغان، تحويرا لاسم مازيغن، في بداية القرن السادس عشر بعدما تاه في مياه المحيط، وإن كانت أخبار تشير إلى أن موقع الجديدة، قديم جدا، يعود إلى 700 سنة قبل الميلاد، تم إحداثه على يد بحارة لبنانيين، فإنه وخلال القرن الخامس قبل الميلاد، تحدثت أخبار تشير إلى رحلة حانون والذي خرج لغزو الساحل من أجل إنشاء سبع مستعمرات ومنها ريزيبيس والتي تم تحديد موقعها على بعد 10 كلم جنوب مدينة الجديدة وهو ما يوافق مدينة تيط، مولاي عبد الله الحالية...
تثبيت القدم

ولما حط البرتغاليون الرحال بمدينة آزمور سنة 1502، وفي إطار البحث عن مواقع جديدة، اكتشفوا خليج الشيخ ابريجة، ووجدوا فيه ما كانوا يبحثون عنه، قربه من السهول والأراضي الخصبة والغابات التي كانت تكسو المنطقة، وشساعة الأراضي الفلاحية الخصبة وتوفر الماء والكلأ، فتركوا بضعة من رجالهم يحرسون المكان وعادوا إلى البرتغال من أجل إعداد العدة، على أمل الرجوع في أقرب وقت ممكن، إلا أن ذلك تأخر إلى سنة 1914، حيث شرعوا في بناء السور العظيم، لما يسمى الآن بالحي البرتغالي والذي استعمل في بنائه، الصخر والحجر والجير، واستمر البناء إلى غاية 1941، وكان طول الأسوار يصل إلى كيلومترين ونصف، وسمكها يتجاوز أحيانا أربعة أمتار وبعلو مترين ونصف في البداية، قبل أن يتم تعليتها فيما بعد، وكان الماء يحيط به اتقاء عوادي الغزاة والحماة عبر خندق عرضه 35 متر، وشكل هؤلاء الغزاة والحماة، خطرا دائما وقائما على المستعمر والذين كانوا ينطلقون من حصن الفحص الجنوبي وحصن تكني الشمالي، وشكل المجاهد العياشي والذي كان يقوم بتأليب السكان ضد المحتل البرتغالي إحدى أهم دعامات الجهاد والذي قاد ودفع البرتغاليين إلى مغادرة المدينة بعد حوالي قرنين من الاحتلال...
الفسقية أو المطفية
كان الهاجس الأمني يحرك المحتلين، سيما وان المناوشات لم تتوقف أبدا، ابتداء بمحاولة السلطان مولاي عبد الله السعدي إجلاء المستعمر البرتغالي سنة 1562، دون أن يوفق في ذلك، وجاء بعده المجاهد العياشي والذي عمل على تأطير وتجميع السكان الأصليين وقام بمهاجمة القلعة سنة 1639، إلى أن حلت ساعة الحسم سنة 1769، ليتم إجلاء البرتغاليين عن الجديدة من طرف سيدي محمد بن عبد الله، لهذه الأسباب تم بناء الفسقية واتخذها البرتغاليون، أول الأمر، كمخزن للسلاح وإيواء العسكر والخيول، قبل أن تتحول في أيام الحصار كمخزن للمياه، وتنفرد الفسقية ببنائها الهندسي الفريد من نوعه، وهو على شكل مربع بأربع رؤوس تشكل نجمة رباعية، طول ضلعها 34 متر، وتتوفر على فوهة دائرية في مركزها تتيح دخول الضوء، وترتكز على 25 سارية ومساحة تصل إلى 1100 متر مربع، وظلت الفسقية مجهولة منذ غادرها البرتغاليون إلى حدود سنة 1916، عندما حاول أحد التجار اليهود توسيع دكانه وشرع في عملية الهدم، فانفجر الماء قويا وهو ما جعله يفر في اتجاه السلطات المحلية مخبرا إياها أن البحر هجم على دكانه...
وظلت الفسقية منذ منتصف القرن الماضي قبلة لصناع وهواة السينما وشهدت سنة 1949 تصوير مشاهد من الفيلم الخالد لأورسن ويلز، عطيل، وجاء بعده فيلم عودة الحصان الأسود من إنتاج فرانسيس فورد كوبولا، وفيلم حرم لأرتر جوفي والفيلم الأمريكي الذي صور سنة 2004 بعنوان صحراء وشارك فيه كل من بينيلوب كروز وماك غوري، وشهدت تصوير أفلام أخرى كالفيلم الإفريقي شاكا زولو والفرنسي إزنز كود وفوريا وغيرها من الأفلام الأخرى، وكان العديد من السينمائيين المغاربة، قد نادوا بتحويلها إلى استوديو عالمي للسينما، دون أن يجد هذا النداء أذانا صاغية...
المهدومة/الجديدة
قضى البرتغاليون مدة إقامتهم بمازاغان في صراعات وحروب لم تنقطع أبدا، وفي الربع الأخير من القرن الثامن عشر، قرر الحاكم البرتغالي إخلاء المدينة والتوجه إلى البرازيل من أجل البحث عن آفاق آمنة جديدة، حيث ومن فرط حبه للجديدة تم إحداث مدينة جديدة بمصب الأمازون، لا زالت لحد الآن تحمل اسم مزاغان الجديدة، فقرر أن يمارس سياسة الأرض المحروقة بعده، وهو ما جعله يدفن 25 برميلا من البارود في السور الموالي للمدينة، أي قرب برج سانت أنطوان وغادر المدينة، صحبة رجاله، عبر باب البحر قرب برج الملائكة، وهدموا البنايات الداخلية وقطعوا أرجل الدواب والخيول وحرقوا المؤن التي استعصى عليهم حملها معهم، وفجروا السور ولحسن الحظ، أنه لم يسقط كاملا بل ظل جانبه الداخلي صامدا، وظلت المدينة شبه مهجورة تحمل اسم المهدومة، إلى حدود العشرينات من القرن الماضي، حينما قرر المولى عبد الرحمان باشا المنطقة، إعمار المدينة من جديد ومنع وحرم استعمال اسم المهدومة، وجيء بالعديد من السكان ومن ضمنهم الجالية اليهودية والتي كان البعض منها يقيم بأوروبا، واستوطنت الملاح، إلى أن تم اكتشاف الفسقية/ المطفية كما سلف...
الترميم والتصنيف
ظلت الجديدة من أهم المدن المغربية التي تتوفر على تراث معماري أصيل لكونه يجمع بين الهندسة الكولونيالية واليهودية والإسلامية في اتحاد غريب لا زالت معالمه تظهر بجلاء في نمط البناء، سواء ما يتعلق بالكنيسة أو النوافذ والأبواب والأسوار، وظلت المدينة/الحي البرتغالي يخضع للعديد من الترميمات والرتوشات والتي تفقد يوما عن يوما، قليلا إن لم نقل كثيرا من خصوصياته المعمارية، وظلت ولا تزال بعض المرافق والدهاليز مجهولة، حيث تم خلال سنة 2000، فتح جناح ظل غير مستغل، كان البرتغاليون يستعملونه كسجن، ومعلوم أن الحي البرتغالي تم تصنيفه كتراث عالمي إنساني في الثلاثين من شهر يونيو2004، أثناء انعقاد الدورة الثامنة والعشرين لليونسكو المنعقدة آنذاك بالصين، وتقتضي الضرورة الآن إبداء مزيد من الاهتمام لهذا التراث والعمل على إحياءه ورد الاعتبار إليه سيما وأن العديد من مرافقه بدأت تندثر وبدأ هواة السطو والسرقة يأتون على بعض من هذا التراث، خاصة وانه شاع مؤخرا، خبر سرقة مدفع من المدافع التي كانت تؤثث الأبراج وقد نستيقظ يوما من الأيام ونجد ما فضل منها قد طار مع الطيور التي تتخذ من هذه الأبراج، مقرا لها ومستقرا إلى حين، وقد نستفيق على انهيار سور أو جزء منه كما يحدث الآن على بعد أمتار من باب البحر الشهير...